قوله:(من الشرك) ، من: للتبعيض؛ فيدل على أن الشرك ليس مختصا بهذا الأمر.
والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة.
وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه، بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتا، أو غائبا، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدفع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر، فهذا كله من الشرك، ولو استغاث بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزا، قال الله تعالى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص: ١٥] .
وإذا طلبت من أحد الغوث وهو قادر عليه؛ فإنه يجب عليك تصحيحا لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة؛ لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد.
قوله:(أو يدعو غيره) ، معطوف على قوله:(أن يستغيث) ؛ فيكون المعنى: من الشرك أن يدعو غير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠] ، عبادتي؛ أي دعائي؛ فسمى الله الدعاء عبادة.