ولهما عن سهل بن سعد (رضي الله عنه) : «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم خيبر: (لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؛ يفتح الله على يديه) . فبات الناس يدوكون ليلتهم؛ أيهم يعطاها، فلما أصبحوا؛ غدوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم يرجو أن يعطاها.»
ــ
قوله:(لأعطين) ، هذه جملة مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم المقدر، واللام، والنون، والتقدير: والله لأعطين.
قوله:(الراية) ، العلم، وسمي راية؛ لأنه يرى، وهو ما يتخذه أمير الجيش للعلامة على مكانه.
واللواء؛ قيل: إنه الراية، وقيل: ما لوي أعلاه، أو لوي كله؛ فيكون الفرق بينهما: أن الراية مفلولة لا تطوى، واللواء يطوى إما أعلاه أو كله، والمقصود منهما الدلالة، ولهذا يسمى علمًا.
قوله:(غدًا) ، يراد به ما بعد اليوم، والأمس يراد به ما قبله.
والأصل أنه يراد بالغد ما يلي يومك، ويراد بالأمس الذي يليه يومك، وقد يراد بالغد ما وراء ذلك، قال تعالى:{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}[الحشر: ١٨.] ؛ أي: يوم القيامة.
وكذلك بالأمس قد يراد به ما وراء ذلك؛ أي: ما وراء اليوم الذي يليه يومك.
قوله:(يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) . أثبت المحبة لله من الجانبين، أي أن الله تعالى يُحِب ويُحَب، وقد أنكر هذا أهل التعطيل، وقالوا: المراد بمحبة الله للعبد إثابته أو إرادة إثابته، والمراد بمحبة العبد لله محبة ثوابه، وهذا تحريف