وفي "الصحيح" عن ابن المسيب، عن أبيه؛ قال: «لما حضرت أبا طالب الوفاة؛ جاءه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له:"يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» .
ــ
قوله: " في الصحيح "، سبق الكلام على مثل هذه العبارة في باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.
قوله: " أبا " بالألف: مفعول به منصوب بالألف؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و" الوفاة " يعني: الموت، فاعل حضرت.
قوله: " «فقال: يا عم، قل: لا إله إلا الله» ، أتى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الكنية الدالة على العطف؛ لأن العم صنو الأب؛ أي: كالغصن معه.
والصنو: الغصن الذي أصله واحد؛ فكأنه معه كالغصن.
قوله:" يا عم " فيها وجهان.
يا عم؛ بكسر الميم: على تقدير أنها مضافة إلى الياء.
ويا عم؛ بضم الميم: على تقدير قطعها عن الإضافة.
قوله:" قل: لا إله إلا الله " يجوز أنه قاله على سبيل الأمر والإلزام؛ لأنه يجب أن يأمر كل أحد أن يقول: لا إله إلا الله.
ويجوز أنه قاله على سبيل الترجي والتلطف معه، وأبو طالب والذين عنده يعرفون هذه الكلمة ويعرفون معناها، ولهذا بادر بالإنكار.
قوله:" كلمة "، منصوبة؛ لأنها بدل لا إله إلا الله، ويجوز إذا لم تكن الرواية بالنصب أن تكون بالرفع؛ أي: هي كلمة، ولكن النصب أوضح.