الحمد لله الذي لشرعه يخضع من يعبد، ولعظمته يخشع من يركع ويسجد , ولطيب مناجاته يسهر المتهجد ولا يرقد، ولطلب ثوابه يبذل المجاهد نفسه ويجهد، يتكلم سبحانه بكلامٍ يَجِلُّ أن يُشابه كلام المخلوقين ويبعد، ومن كلامه كتابه المنزل على نبيه أحمد نقرؤه ليلا ونهارا ونردد، فلا يخلق عن كثرة الترداد ولا يُمَلُّ ولا يُفَنَّد، أحمده حمد من يرجو الوقوف على بابه غير مُشَرَّد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من أخلص لله وتعبَّد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قام بواجب العبادة وتَزَوَّد، صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر الصديق الذي ملأ قلوب مبغضيه قرحات تنفد , وعلى عمر الذي لم يزل يُقَوِّي الإسلام ويعضد , وعلى عثمان الذي جاءته الشهادة فلم يتردد , وعلى علي الذي ينسف زرع الكفر بسيفه ويحصد , وعلى سائر آله وأصحابه صلاة مستمرة على الزمان المؤبَّد , وسلم تسليما.
إخواني: إن هذا القرآن الذي بين أيديكم تتلونه وتسمعونه وتحفظونه وتكتبونه، هو كلام ربكم رب العالمين، وإله الأولين والآخرين، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، وهو الذكر المبارَك والنور المبين، تكلَّم الله به حقيقة على الوصف الذي يليق