فكما أن الجاهل بما يفسق يعذر بجهله فكذلك الجاهل بما يكفر يعذر بجهله ولا فرق لأن الله - عز وجل - يقول:{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} . ويقول الله - تعالى -: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} . وهذا يشمل كل ما يعذب عليه الإنسان ويقول الله -عز وجل -: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .
لكن إذا كان هذا الجاهل مفرطًا في التعلم ولم يسأل ولم يبحث فهذا محل نظر. فالجهال بما يكفر وبما يفسق إما أن لا يكون منهم تفريط وليس على بالهم إلا أن هذا العمل مباح فهؤلاء يعذرون، ولكن يدعون للحق فإن أصروا حكم عليهم بما يقتضيه هذا الإصرار، وأما إذا كان الإنسان يسمع أن هذا محرم أو أن هذا مؤد للشرك ولكنه تهاون أو استكبر فهذا لا يعذر بجهله.
[(٢٢٢) وسئل - رعاه الله بمنه وكرمه -: هل يعذر الإنسان بالجهل فيما يتعلق بالتوحيد؟]
فأجاب بقوله: العذر بالجهل ثابت في كل ما يدين به العبد ربه؛ لأن الله -سبحانه وتعالى - قال:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} حتى قال - عز وجل -: