للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

الطائفة الثالثة: غلاة الجهمية، والقرامطة، والباطنية ومن تبعهم.

وطريقتهم أنهم ينكرون الأسماء والصفات ولا يصفون الله تعالى إلا بالنفي المجرد عن الإثبات ويقولون: إن الله هو الموجود المطلق بشرط الإطلاق (١) . فلا يقال: هو موجود، ولا حي، ولا عليم، ولا قدير وإنما هذه أسماء لمخلوقاته أو مجاز، لأن إثبات ذلك يستلزم تشبيهه بالموجود الحي، العليم، القدير ويقولون: إن الصفة عين الموصوف، وإن كل صفة عين الصفة الأخرى فلا فرق بين العلم، والقدرة والسمع، والبصر ونحو ذلك.

وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم التشبيه والتعدد ووجه ذلك في الأسماء أنه إذا سمي بها لزم أن يكون متصفا بمعنى الاسم فإذا أثبتنا " الحي " مثلا لزم أن يكون متصفا بالحياة لأن صدق المشتق يستلزم صدق المشتق منه وذلك يقتضي قيام الصفات به وهو تشبيه.

وأما في الصفات فقالوا: إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد وهو تركيب ممتنع مناقض للتوحيد.

والرد عليهم من وجوه:

الأول: أن الله تعالى جمع فيما سمى ووصف به نفسه بين النفي والإثبات " وقد سبق أمثلة من ذلك " فمن أقر بالنفي وأنكر الإثبات فقد آمن ببعض الكتاب دون بعض، والكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله. قال الله تعالى منكرا على بني إسرائيل:


(١) معنى قولهم: بشرط الإطلاق أنه مطلق عن أي صفة ثبوتية لأن الصفة تقيد الموصوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>