قوله:(فرأيت) ، أي: بعيني؛ فهي رؤية عينية، ويحتمل أن يكون رؤية منامية.
قوله:(مشارقها ومغاربها) ، وهذا ليس على الله بعزيز؛ لأنه على كل شيء قدير، فمن قدرته أن يجمع الأرض حتى يشاهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما سيبلغ ملك أمته منها.
وهل المراد هنا بالزوي أن الأرض جمعت، وأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوي نظره حتى رأى البعيد؟
الأقرب إلى ظاهر اللفظ: أن الأرض جمعت، لا أن بصره قوي حتى رأى البعيد.
وقال بعض العلماء: المراد قوة بصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي: أن الله أعطاه قوة بصر حتى أبصر مشارق الأرض ومغاربها، لكن الأقرب الأول، ونحن إذا أردنا تقريب هذا الأمر نجد أن صورة الكرة الأرضية الآن مجموعة يشاهد الإنسان فيها مشارق الأرض ومغاربها؛ فالله على كل شيء قدير؛ فهو قادر على أن يجمع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأرض حتى تكون صغيرة فيدركها من مشارقها إلى مغاربها.
اعتراض وجوابه:
فإن قيل: هذا إن حمل على الواقع؛ فليس بموافق للواقع؛ لأنه لو حصرت الأرض بحيث يدركها بصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المجرد؛ فأين يذهب الناس والبحار والجبال والصحارى؟
والجواب: بأن هذا من الأمور الغيبية التي لا يجوز أن تورد عليها كيف ولم، بل نقول: إن الله على كل شيء قدير؛ إذ قوة الله - سبحانه - أعظم من قوتنا وأعظم من أن نحيط بها، ولهذا أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أن الشيطان يجري من»