الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وهو على كل شيء قدير وجعل لكل شيء قدرا وأجلا مطابقا لعلمه وحكمته وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والخلق والتدبير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد والمصير وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وآمنوا به وآمنوا بقضائه وقدره، فإن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان، فلن يتم الإيمان حتى يؤمن العبد بالقدر خيره وشره، ولا يتم الإيمان بالقدر حتى يؤمن الإنسان بأربعة أمور: الأول: علم الله المحيط بكل شيء، فإنه سبحانه بكل شيء عليم. عليم بالأمور كلها دقيقها وجليلها، سرها وعلنها، فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء.
الأمر الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة من قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فإن الله لما خلق القلم قال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن، فكتب بعلم الله وإذنه ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما كتب على الإنسان لم يكن ليخطئه وما لم يكتب عليه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت