للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[س١١٣٤: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة دفعت من مزدلفة آخر الليل ووكلت ابنها في رمي الجمرة عنها مع أنها قادرة على الرمي فما الحكم في توكيلها؟]

فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمرات من مناسك الحج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به وفعله بنفسه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله" (١) . فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، لأن الإنسان يقوم برمي هذه

الحصيات في هذا المكان تعبداً لله عز وجل، وإقامة لذكره، فهي مبنية على مجرد التعبد لله سبحانه وتعالى، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون حين رميه للجمرات خاشعاَ خاضعاً لله، مهما كان ذلك

الموقف، وإذا دار الأمر بين أن يبادر برمي هذه الجمرات في أول الوقت، أو يؤخره في آخر الوقت، لكنه إذا أخره رمى بطمأنينة وخشوع وحضور قلب، كان تأخيره أفضل؛ لأن هذه المزية مزية

تتعلق بنفس العبادة، وما تعلق بنفس العبادة فإنه مقدم على ما يتعلق بزمن العبادة أو مكانها، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة بحفرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" (٢) فيؤخر الإنسان الصلاة عن أول وقتها من أجل قضاء الحاجة، أو دفع الشهوة الشديدة التي حضر مقتضيها وهو الطعام، إذن إذا دار الأمر بين أن يرمي الجمرات في أول الوقت لكن بمشقة وزحام شديد، وانشغال بإبقاء الحياة، وبين


(١) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب في الرمل (رقم ١٨٨٨) والترمذي كتاب الحج، باب ما جاء في كيف يرمي الجمار (رقم ٩٥٢) وقال: هذا حديث صحيح وصححه الحاكم (١/٤٥٩) ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام (رقم ٥٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>