أما إذا كان الإنسان بعيداً عن الكعبة لا يمكنه مشاهدتها ولو في مكة فإن الواجب استقبال الجهة، ولا يضر الانحراف اليسير، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأهل المدينة، ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) (١) ، لأن أهل المدينة يستقبلون الجنوب، فكل ما بين المشرق والمغرب فهو في حقهم قبله، كذلك مثلاً نقول للذين يصلون إلى الغرب نقول ما بين الجنوب والشمال قبله.
* * *
[٣٢٩ وسئل فضيلته: عن مسجد تنحرف فيه القبلة عن اتجاهها الصحيح بجوالي ثلاث درجات حسب البوصلة المعدة لتحديد جهة الكعبة، وقد دأب الناس على الصلاة حسب اتجاه المسجد لعدم علم الكثيرين منهم بانحراف المسجد عن القبلة فهل هذا الأمر يؤثر على الصحة للصلاة؟ وهل يجب تعديل المسجد؟]
فأجاب بقوله: إذا كان الانحراف لا يخرج الإنسان عن الجهة فإن ذلك لا يضر، والاستقامة أولى بلا ريب، أما إذا كان هذا الانحراف يخرج الإنسان عن جهة القبلة، مثل أن يكون متجهاً إلى الجنوب، والقبلة شرقاً، أو إلى الشمال والقبلة شرقاً، أو إلى الشرق والقبلة جنوباً فلا ريب أنه يجب تعديل المسجد، أو يجب الاتجاه إلى جهة القبلة وإن خالف جهة المسجد.
* * *
(١) أخرجه الترمذي: كتاب الصلاة / باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبله، وابن ماجة (١٠١١) ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي " المستدرك " ١٤/٢٢٥.