للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٠٦) وسئل رعاه الله بمنّه وكرمه: هل ترد أرواح الموتى إليهم يومي الاثنين والخميس ليردوا السلام على الزوار؟

فأجاب بقوله: هذا لا أصل له وزيارة المقابر مشروعة كل وقت؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» . وينبغي للزائر أن يفعل ما كان يفعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من السلام عليهم دون القراءة، فقد كان مما يقوله عليه الصلاة والسلام: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم» . ولا تنبغي القراءة على القبر؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما لم يرد عنه فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يعمله.

واعلم أن المقصود بالزيارة أمران:

أحدهما: انتفاع الزائر بتذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ، فإن هؤلاء القوم الذين هم الآن في بطن الأرض كانوا بالأمس على ظهرها، وسيجري لهذا الزائر ما جرى لهم، فيعتبر ويغتنم الأوقات والفرص، ويعمل لهذا اليوم الذي سيكون في هذا المثوى الذي كان عليه هؤلاء.

وثانيهما: الدعاء لأهل القبور بما كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو به من السلام وسؤال الرحمة، وأما أن يسأل الأموات ويتوسل بهم فإن هذا محرم ومن الشرك؛ ولا فرق في هذا بين قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبر غيره، فإنه لا يجوز أن يتوسل أحد بقبر النبي عليه الصلاة والسلام، أو بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد موته, فإن هذا من الشرك؛ لأنه لو كان هذا حقًّا لكان أسبق الناس إليه الصحابة رضي الله عنهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>