للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٣) سُئل الشيخ: هل يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة فقد سمعنا أنه يجوز؟

فأجاب فضيلته بقوله: جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب ". هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: " خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى " وفي لفظ: " أعفوا " وله من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جزوا الشوارب وأرخو االلحى خالفوا المجوس ". وله من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عشرٌ من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية " وذكر بقية الحديث.

وهذه الأحاديث تدل على وجوب ترك اللحية على ما هي عليه وافية موفرة عافية مستوفية، وأن في ذلك فائدتين عظيمتين.:

إحداهما: مخالفة المشركين حيث كانوا يقصونها أو يحلقونها، ومخالفة المشركين فيما هو من خصائصهم أمر واجب، ليظهر التباين بين المؤمنين والكافرين في الظاهر كما هو حاصل في الباطن، فإن الموافقة في الظاهر ربما تجر إلى محبتهم وتعظيمهم والشعور بأنه لا فرق بينهم وبين المؤمنين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم " قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ".

ثم إن في موافقة الكفار تعزيزاً لما هم عليه، ووسيلة لافتخارهم وعلوهم على المسلمين حيث يرون المسلمين أتباعاً لهم، مقلدين لهم، ولهذا كان من المتقرر عند أهل الخبرة في التاريخ أن الأضعف دائماً يقلد الأقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>