وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب، لكن لا نعرف كل الكتب، بل نعرف كل الكتب، بل نعرف منها: صحف إبراهيم وموسى، التوراة، الإنجيل، الزبور، القرآن، ستة؛ لأن صحف موسى بعضهم يقول: هي التوراة، وبعضهم يقول: غيرها، فإن كانت التوراة، فهي خمسة، وإن كانت غيرها، فهي ستة، ولكن مع ذلك نحن نؤمن بكل كتاب أنزله الله على الرسل، وإن لم نعلم به، نؤمن به إجمالًا.
أي: رسل الله وهم الذين أوحى الله إليهم بالشرائع وأمرهم بتبليغها، وأولهم نوح وآخرهم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الدليل على أن أولهم نوح: قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}[النساء: ١٦٣] ، يعني: وحيًا، كإيحائنا إلى نوح والنبيين من بعده، وهو وحي الرسالة. وقوله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}[الحديد: ٢٦] : {فِي ذُرِّيَّتِهِمَا} ؛ أي ذرية نوح وإبراهيم، والذي قبل نوح لا يكون من ذريته. وكذلك قوله تعالى:{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}[الذاريات: ٤٦] ، قد نقول: إن قوله: من قبل: يدل على ما سبق.
إذًا من القرآن ثلاثة أدلة تدل على أن نوحًا أول الرسل ومن السنة ما ثبت في حديث الشفاعة: " «أن أهل الموقف يقولون لنوح: أنت أول رسول أسله الله إلى أهل الأرض» ، (١) وهذا صريح.
(١) البخاري/ كتاب التوحيد/ باب كلاما لله مع الأنبياء يوم القيامة، ومسلم/ كتاب الإيمان/ باب أدنى أهل الجنة منزلاً