للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكمة إرسال الرسل]

لما كان العقل البشري لا يتمكن من عبادة الله تعالى على الوجه الذي يرضاه ويحبه، وكذلك لا يستطيع التنظيم والتشريع المناسب للأمة على اختلاف طبقاتها إذ لا يحيط بذلك إلا الله وحده، كان من حكمة الله ورحمته أن أرسل الرسل، وأنزل الكتب لإصلاح الخلق، وإقامة الحجة عليهم قال الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} فحكمة إرسال الرسل تتلخص في:

الأول: إقامة الحجة على الخلق حتى لا يحتج أحد على الله فيقول: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} لقد قطع الله هذه الحجة من أساسها بإرسال الرسل وتأييدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم، وصحة نبوتهم، وسلامة طريقتهم.

الثاني: توجيه الناس وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح لهم في دينهم ودنياهم، فإن الناس مهما أوتوا من الفهم، والعقل، والذكاء لا يمكنهم أن تستقل عقولهم بالتنظيم العام المصلح للأمة بأكملها كأمة متماسكة متكافئة متساوية في إعطاء ذي الحق حقه. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش -وهي الدواب التي تقع في النار- يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنت تقتحمون فيها» . رواه البخاري، فالرسل يذودون الناس عما يضرهم ويدعونهم إلى ما ينفعهم.

الثالث: جمع الأمة على دين واحد ورجل واحد، فإن انقياد الناس لما

<<  <  ج: ص:  >  >>