التعظيم والتبجيل وما أشبه ذلك، تجده مؤمنًا، تقيًا، خفيًا لا يظهر نفسه، ولا يحب الإشهار، ولا يحب أن يتجه الناس إليه، أو أن يتعلقوا به خوفًا أو رجاء.
فمجرد كون الإنسان يريد من الناس أن يعظموه، ويحترموه، ويبجلوه، ويكون مرجعًا لهم، ومتعلقًا لهم، هذا في الحقيقة ينافي التقوى وينافي الولاية، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيمن طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يجاري به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فعليه كذا وكذا من الوعيد، فالشاهد في قوله:"أو ليصرف وجوه الناس إليه" فهؤلاء الذين يدعون الولاية ويحاولون أن يصرفوا وجوه الناس إليهم هم أبعد الناس عن الولاية.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن لا يغتروا بهؤلاء وأمثالهم وأن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يعلقوا آمالهم ورجاءهم بالله وحده.
(٢٤٨) سئل فضيلته: عن رأيه فيمن تغيرت لديهم المفاهيم وصار عندهم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا؟ .
فأجاب - حفظه الله - بقوله: رأيي في هؤلاء الذين تغيرت عندهم المفاهيم حتى رأوا المعروف منكرًا والمنكر معروفًا وصاروا لا ينكرون من المنكر شيئًا ولا يقرون من المعروف شيئًا، رأيي أن هؤلاء انسلخوا من الدين - والعياذ بالله - وذلك لأن من جعل المعروف الذي من شريعة الله - عز وجل - منكرًا فقد كفر بالشريعة، وكذلك من جعل المنكر معروفًا فقد آمن بالطاغوت، والإيمان لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فعلى هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم ويفكروا في أمرهم ويعرفوا أصلهم ومنتهى أمرهم