نقول بالنسخ، لأن النسخ ليس بالأمر الهين، فهو إبطال نص من الشرع بنص آخر، وإبطال النص ليس بالأمر الهين، بل لابد أن نتحقق أن هذا النص قد نسخ بالنص المتأخر.
إذن لا معارضة بين حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم، وبين قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أفطر الحاجم والمحجوم» ويكون العمل على ما يدل عليه حديث «أفطر الحاجم والمحجوم» وقد قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته (حقيقة الصيام) وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
* * *
[سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: ما الجمع بين هذين الحديثين:]
١ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم متفق عليه.
٢ عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى رجلاً بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدي لثماني عشرة خلت من رمضان فقال:«أفطر الحاجم والمحجوم» . رواه أبو داود وابن ماجه والدارمي.
فأجاب فضيلته بقوله: اختلف العلماء في الجمع بينهما، فمنهم من قال: إن حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» لم يثبت،