والحاصل أن التوسل إلى الله -تعالى- بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به؛ فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم- يتوسلون إلى الله -تعالى- بدعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهم؛ وكذلك عمر -رضي الله عنه- توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، فلا بأس إذا رأيت رجلًا صالحًا حريًا بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالًا وكونه معروفًا بالعبادة والتقوى، لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب، بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء، فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره.
كما أنني أيضًا أقول: إن هذا جائز؛ ولكنني لا أحبذه، وأرى أن الإنسان يسأل الله -تعالى- بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله، وأن ذلك أقوى في الرجاء، وأقرب إلى الخشية، كما أنني أيضًا أرغب من الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه أن يدعو له، أن ينوي بذلك الإحسان إليه -أي إلى هذا الداعي- دون دفع حاجة هذا المدعو له؛ لأنه إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبه المذموم، أما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه، والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء كما هو معروف كان هذا أولى وأحسن. والله ولي التوفيق.
(٣٨١) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم هذا الدعاء: "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك" هل للسائلين حق على الله؟