الأمور التي توجب له التشوش، وتوهم معارضة الشرع بالقدر، فإن ذلك ليس من دأب الصحابة - رضي الله عنهم - وهم أحرص الناس على معرفة الحقائق، وأقربهم من معين إرواء الغلة، وكشف الغمة، وفي صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:" ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار ". فقلنا: يا رسول الله، أفلا نتكل؟» وفي رواية:«أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: " لا اعملوا فكل ميسر» .
وفي رواية:«اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة. وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة» . ثم قرأ:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .
فنهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الاتكال على الكتاب وترك العمل؛ لأنه لا سبيل إلى العلم به، وأمر بما يستطيعه العبد ويمكنه، وهو العمل، واستدل بالآية التي تدل على أن من عمل صالحا، وآمن فسييسر لليسرى، وهذا هو الدواء الناجع المثمر، الذي يجد فيه العبد بلوغ عافيته وسعادته، حيث يشمر للعمل الصالح المبني على الإيمان، ويستبشر بذلك حين يقارنه التوفيق لليسرى في الدنيا والآخرة. أسأل الله - تعالى - أن يوفقنا جميعا للعمل الصالح، وأن ييسرنا لليسرى، ويجنبنا العسرى، ويغفر لنا في الآخرة والأولى، إنه جواد كريم.
[(١٩٥) وسئل فضيلة الشيخ: هل الإنسان مخير أو مسير؟ .]
فأجاب بقوله: على السائل أن يسأل نفسه: هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال، وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها؟ إلى أمثال ذلك