للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمسلم عن ابن مسعود؛ أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «هلك المتنطعون". قالها ثلاثا» .

ــ

قوله: " المتنطعون المتنطع: هو المتعمق المتقعر المتشدق، سواء كان في الكلام أو في الأفعال؛ فهو هالك، حتى ولو كان ذلك في الأقوال المعتادة؛ فبعض الناس يكون بهذه الحال، حتى إنه ربما يقترن بتعمقه وتنطعه الإعجاب بالنفس في الغالب، وربما يقترن به الكبر، فتجده إذا تكلم يتكلم بأنفه، فتسلم عليه فتسمع الرد من الأنف إلى غير ذلك من الأقوال.

والتنطع بالأفعال كذلك أيضا قد يؤدي إلى الإعجاب أو إلى الكبر، ولهذا قال: "هلك المتنطعون".

والتنطع أيضا في المسائل الدينية يشبه الغلو فيها؛ فهو أيضا من أسباب الهلاك، ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من التنطع في صفات الله تعالى والتقعر فيها، حيث يسألونه عما لم يسأل عنه الصحابة -رضي الله عنهم- وهم يعلمون أن الصحابة خير منهم وأشد حرصا على العلم، وفيهم رسول الله الذي عنده من الإجابة على الأسئلة ما ليس عند غيره من الناس مهما بلغ علمهم.

فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على تحريم الغلو، وأنه سبب للهلاك، وأن الواجب أن يسير العبد إلى الله بين طرفي نقيض بالدين الوسط، فكما أن هذه الأمة هي الوسط ودينها هو الوسط؛ فينبغي أن يكون سيرها في دينها على الطريق الوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>