العبادات ليست تكليفا وإشقاقا علينا. وإنما هي لمصلحتنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة. ولا يمكن أن تستقيم الدنيا إلا بالعبادة ولست أريد بالعبادة مجرد الحقوق الخاصة بالله عز وجل حتى معاملتك مع الناس يمكن أن تتحول إلى عبادة. كيف ذلك إذا عاملتهم بمقتضى أمر الله من النصح والبيان امتثالا لأمر الله عز وجل صارت المعاملة عبادة حتى لو تبيع سلعة على إنسان وتبين ما فيها من عيوب وتصدق فيما تصفها من الصفات المطلوبة صرت الآن متعبدا لله لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:«الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» . (١)
الموظف يؤدي وظيفته أحيانا يؤديها من أجل الراتب. وأحيانا يؤديها من أجل القيام بالعمل الذي به صلاح الناس فعلى الأول يكون عادة لا عبادة، لكن على الثاني يكون عبادة ولا يفوته الراتب.
انظر كيف أن النية تجعل العادة عبادة، وربما يحول الإنسان عبادته إلى عادة مع الغفلة كما لو كان يذهب يصلي لأنه اعتاد أن يتوضأ ويذهب ويصلي لكن ما يشعر حينئذ أنه يذهب امتثالا لأمر الله عز وجل واتباعا لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحينئذ يفوته خير كثير ولهذا قيل:" أهل اليقظة عاداتهم عبادات، وأهل الغفلة عباداتهم عادات " كل ذلك من أجل النية.
«قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وقد عاده في حجة الوداع وهو مريض وخاف رضي الله عنه أن يموت في مكة وقد هاجر منها، فقال: يا رسول الله: إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قال: فالشطر قال: لا. قال: فالثلث قال: الثلث والثلث كثير»
(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان: باب بيان أن الدين النصيحة حديث (٩٥) .