للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثالث والعشرون

في أقسام المنحرفين عن الاستقامة

في باب الإيمان بالله واليوم الآخر

طريقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان على الصراط المستقيم علما، وعملا يعرف ذلك من تتبعها بعلم وعدل فقد حققوا الإيمان بالله واليوم الآخر، وأقروا بأن ذلك حق على حقيقته، وهم في عملهم مخلصون لله، متبعون لشرعه، فلا شرك، ولا ابتداع، ولا تحريف، ولا تكذيب.

وأما المنحرفون عن طريقتهم فهم ثلاث طوائف:

أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل.

فأما أهل التخييل: فهم الفلاسفة، والباطنية ومن سلك سبيلهم من المتكلمين وغيرهم. وحقيقة مذهبهم أن ما جاءت به الأنبياء مما يتعلق بالإيمان بالله واليوم الآخر أمثال وتخييلات لا حقيقة لها في الواقع، وإنما المقصود بها انتفاع العامة وجمهور الناس، لأن الناس إذا قيل لهم: إن لكم ربا عظيما، قادرا، رحيما، قاهرا، وأمامكم يوما عظيما تبعثون فيه، وتجازون بأعمالكم ونحو ذلك استقاموا على الطريقة المطلوبة منهم، وإن كان هذا لا حقيقة له على زعم هؤلاء.

ثم إن هؤلاء على قسمين: غلاة، وغير غلاة.

فأما الغلاة فيزعمون أن الأنبياء لا يعلمون حقائق هذه الأمور وأن من المتفلسفة الإلهية - ومن يزعمونهم أولياء - من يعلم هذه الحقائق، فزعموا أن من الفلاسفة من هو أعلم بالله واليوم الآخر من النبيين الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>