للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبة في خلق السموات والأرض

الحمد لله الذي رفع السماوات بغير عماد ووضع الأرض وهيأها للعباد وجعلها مقرهم أحياء وأمواتا، فمنها خلقهم وفيها يعيدهم ومنها يخرجهم تارة أخرى يوم المعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل العباد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله وأطيعوه وصدقوا بما أخبركم به واعتقدوه وارفضوا ما خالف كتابه وسنة نبيه من أقوال الناس وردوه؛ لأن ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل زور وبهتان، وما وافق الكتاب والسنة فهو حق ثابت لقيام الحجة والبرهان، واعلموا أن الله سبحانه لم يشهد أحدا خلق السماوات والأرض فلا علم عند أحد في ذلك إلا ما جاء عن طريق الوحي {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} ، فكل من تكلم عن خلق السماوات والأرض من أي مادة هو وكيف وقع ومتى وقع كل من تكلم بذلك من غير طريق الوحي، فإنما يتكلم على أمر نظري وقياس ظني قد يصيب وقد يخطئ وقد يرفض وقد يغير إذ ليس أحد من البشر شاهد كيف خلق السماوات والأرض هذه هي الحقيقة الثابتة، وعلى هذا فالاعتماد في ذلك على ما جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>