للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثالث عشر: في نزول الله إلى السماء الدنيا

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» .

وقد روى هذا الحديث عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نحو ثمان وعشرين نفسا من الصحابة رضي الله عنهم، واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول.

ونزوله تعالى إلى السماء الدنيا من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته وحكمته وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته.

ولا يصح تحريف معناه إلى نزول أمره، أو رحمته، أو ملك من ملائكته، فإن هذا باطل لوجوه:

الأول: أنه خلاف ظاهر الحديث، لأن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أضاف النزول إلى الله، والأصل أن الشيء إنما يضاف إلى من وقع منه أو قام به فإذا صرف إلى غيره كان ذلك تحريفا يخالف الأصل.

الثاني: أن تفسيره بذلك يقتضي أن يكون في الكلام شيء محذوف والأصل عدم الحذف.

الثالث: أن نزول أمره أو رحمته لا يختص بهذا الجزء من الليل، بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت.

فإن قيل: المراد نزول أمر خاص، ورحمة خاصة وهذا لا يلزم أن يكون كل وقت.

فالجواب: أنه لو فرض صحة هذا التقدير والتأويل، فإن الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>