الإيمان باليوم الآخر: وسمي يومًا آخرًا لأنه لا يوم بعده، فإن للإنسان أحوالًا أولها العدم؛ لقوله تعالى:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} ثم يصير حملًا، ثم يكون عاملًا في الدنيا، وحاله في الدنيا أكمل من حاله أثناء الحمل، ثم ينتقل إلى الحال الرابعة وهي: البرزخ وحاله في البرزخ أكمل من حاله في الدنيا، ثم ينتقل إلى الحال الخامسة وهي اليوم الآخر وحاله في هذه المرحلة أكمل المراحل السابقة.
وبيان ذلك أن الإنسان في بطن أمه لا شك أنه ناقص عن حاله في الدنيا قال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فصار بعد خروجه من بطن أمه عنده العلم، والسمع، والبصر، والعمل، وأحواله في هذه الدنيا ليست على الصفاء دائمًا بل فيها صفاء وكدر، وتعب وراحة، وجور وعدل، وصالح وفاسد، يقول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ... ويومٌ نساء ويومٌ نسر
وهي بلا شك حينئذ تكون حياة ناقصة؛ لأنه ما من لذة فيها إلا وهي منغصة كما قال الشاعر:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة ... لذاته بادكار الموت والهرم
فأنت الآن شاب وقوي لكن سيأتيك أحد أمرين: إما الموت، وإما