فالجواب: أنه ليس برسول لكنه نبي، كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه «أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن آدم: أنبي هو؟ قال: " نعم نبي مكلم» . ولكنه ليس برسول والدليل قوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} وقوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في حديث الشفاعة:«إن الناس يذهبون إلى نوح فيقولون: أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض» . وهذا نص صريح بأن نوحًا أول الرسل.
كيف نؤمن بالرسل؟
الإيمان بالرسل أن نؤمن بأسماء من علمنا اسمه منهم، وأن نؤمن بكل خبر أخبروا به، وأن نؤمن بأنهم صادقون فيما قالوه من الرسالة، أما من لم نعرف اسمه منهم فنؤمن به إجمالًا، فإننا لم نعرف أسماء جميع الرسل لقوله تعالى:{مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} .
وأحكام الرسل السابقة من ناحية إلزامنا بها، أو لا، فالقول فيها كالقول في أحكام الكتب.
فإن قال قائل: كيف نجمع بين كون محمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خاتم النبيين وبين ما صح به الحديث من نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان؟
فالجواب: أن عيسى - عليه السلام لا ينزل على أنه رسول؛ لأن رسالته التي بعث بها كانت سابقة قبل رسالة النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأنه إذا نزل فلا يأتي بشرع من عنده، ولكنه يجدد شرع النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبهذا يزول الإشكال بين كون محمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خاتم النبيين وبين نزول عيسى بن مريم آخر الزمان.