للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما المثلان:

فأحدهما: نعيم الجنة، فقد أخبر الله تعالى أن في الجنة طعاما، وشرابا ولباسا، وزوجات، ومساكن، ونخلا، ورمانا، وفاكهة، ولحما، وخمرا، ولبنا، وعسلا، وماء، وحلية من ذهب ولؤلؤ وفضة وغير ذلك، وكله حق على حقيقته، وهو في الاسم موافق لما في الدنيا من حيث المعنى لكنه مخالف له في الحقيقة.

أما موافقته لما في الدنيا في المعنى فلأن الله تعالى قال عن القرآن: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} . ولولا موافقته له في المعنى ما فهمناه ولا عقلناه.

وأما مخالفته له في الحقيقة فلقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وقوله في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» . قال ابن عباس رضي الله عنهما: " ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء ".

فإذا كانت هذه الأسماء دالة على مسمياتها حقيقة وكان اتفاقها مع ما في الدنيا من الأسماء لا يستلزم اتفاق المسميات في الحقيقة بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله، فإن مباينة الخالق للمخلوق أعظم وأظهر من مباينة المخلوق للمخلوق، لأن التباين بين المخلوقات تباين بين مخلوق

<<  <  ج: ص:  >  >>