للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣١) سئل فضيلة الشيخ: عمن قال: إن تزوج النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان لغرضين: أحدهما: مصلحة الدعوة، والثاني: التمشي مع ما فطره الله عليه من التمتع بما أحل الله له؟

فأجاب بقوله: من المعلوم أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بشر أكرمه الله - تعالى - بالنبوة والرسالة إلى الناس كافة، وأن اتصافه بما تقتضيه الطبيعة البشرية من الحاجة إلى الأكل، والشرب، والنوم، والبول، والغائط ومدافعة البرد، والحر، والعدو، ومن التمتع بالنكاح، وأطايب المأكول والمشروب وغيرها من مقتضيات الطبيعة البشرية لا يقدح في نبوته ورسالته، بل قد قال الله له: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} وقال هو عن نفسه: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون» . وانتفاء علم الغيب، وطرو النسيان على العلم قصور في مرتبة العلم من حيث هو علم، لكن لما كان من طبيعة البشر الذي خلقه الله ضعيفًا في جميع أموره، لم يكن ذلك قصورًا في مقام النبوة، ونقصًا في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولا ريب أن شهوة النكاح من طبيعة الإنسان فكمالها فيه من كمال طبيعته، وقوتها فيه تدل على سلامة البنية واستقامة الطبيعة، ولهذا ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: «كنا نتحدث أنه يعني النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أعطي قوة ثلاثين» . يعني على النساء، وهذا والله أعلم، ليتمكن من إدراك ما أحل الله منهن بلا حصر ولا مهر، ولا ولي، فيقوم بحقوقهن، ويحصل بكثرتهن ما حصل من المصالح العظيمة الخاصة بهن والعامة للأمة جميعًا، ولولا هذه القوة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>