وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:«من أتى كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أبو داود (١)
ــ
تشجيعهم وإغراء الناس بهم، وهم في الغالب يأتون بأشياء كلها باطلة.
* * *
قوله:(من أتى كاهنا) . تقدم معنى الكهان، وأنهم كانوا رجالا في أحياء العرب تنزل عليهم الشياطين، وتخبرهم بما سمعت من أخبار السماء.
قوله:(فصدقه) . أي: نسبه إلى الصدق، وقال: إنه صادق، وتصديق الخبر يعني: تثبيته وتحقيقه، فقال: هذا حق وصحيح وثابت.
قوله:(بما يقول) . (ما) عامة في كل ما يقول، حتى ما يحتمل أنه صدق، فإنه لا يجوز أن يصدقه؛ لأن الأصل فيهم الكذب.
قوله (فقد كفر بما أنزل على محمد) ، أي: بالذي أنزل، والذي أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرآن أنزل إليه بواسطة جبريل، قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}[الشعراء: ١٩٢،١٩٣] ، وقال تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ}[النحل: ١٠٢] ، وبهذا نعرف أن القول الراجح في الحديث القدسي أنه من كلام الله تعالى معنى، وأما لفظه، فمن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكنه حكاه عن الله؛ لأننا لو لم نقل بذلك لكان الحديث القدسي أرفع سندا من
(١) الإمام أحمد في (المسند) (٢/٨-٤، ٤٧٦) ، وأبو داوود: كتاب الطب/باب في الكاهن، والترمذي: كتاب الطهارة/ باب في كراهية إتيان الحائض، وابن ماجة: كتاب الطهارة/باب النهي عن إتيان الحائض.