والفرق بين هذه والمسألة الأولى - أعني مسألة النجاسة _ أن النجاسة من باب ترك المحظور، وأما الوضوء والغسل فهو من باب فعل المأمور، وفعل المأمور أمر إيجادي لابد أن يقوم به الإنسان، ولا تتم العبادة إلا بوجوده، أما إزالة النجاسة فهي أمر عدمي لا تتم الصلاة إلا بعدمه فإذا وجد في حال الصلاة نسياناً أو جهلاً فإنه لا يضر، لأنه لم يفوت شيئاً يطلب حصوله في صلاته.
* * *
[وسئل فضيلته: عمن أتي عليه وقت الصلاة وهو في سفر وثيابه نجسة ولا يمكنه أن يطهرها ويخشى من خروج وقت الصلاة؟]
فأجاب بقوله: إذا كانت النجاسة في سؤال السائل الذي يقول أنه أتي عليه وقت الصلاة وهو في سفر وثيابه نجسة ولا يمكنه أن يطهرها ويخشى من خروج وقت الصلاة فإننا نقول له: خفف عنك ما أمكن من هذه النجاسة، فإذا كانت ي ثوبه وعليه ثوب آخر فاخلع هذا الثوب النجس وصل بالطاهر، وإذا كان عليك ثوبان أو ثلاثة وكل منها نجس فخفف ما أمكن من النجاسة، وما لا يمكن إزالته أو تخفيفه من النجاسة فإنه لا حرج عليه فيه. يقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(١) . فتصلي بالثوب ولو كان نجساً ولا إعادة عليك على القول الراجح، فإن هذا من تقوى الله تعالى ما استطعت فالإنسان إذا اتقى الله ما استطاع فقد أتي بما أوجب عليه، ومن أتي بما أوجب عليه فقد أبرأ ذمته.