للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«رسول الله، بل قال: " فادع الله يغيثنا " فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يديه وقال: "اللهم أغثنا " ثلاث مرات، فأنشأ الله سبحانه وتعالى سحابة فأمطرت، ولم يروا الشمس أسبوعًا كاملًا، والمطر ينهمر، وفي الجمعة التالية دخل رجل أو الرجل الأول فقال: " يا رسول الله غرق المال، وتهدم البناء فادع الله تعالى يمسكها عنا"، فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربه وقال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» فانفرجت السماء وخرج الصحابة يمشون في الشمس.

فهذا طلب دعاء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لله عز وجل وليس دعاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا استغاثة به، وبهذا يعرف أن هذه الشبهة التي لبس بها هؤلاء شبهة لا تنفعهم بل هي حجة داحضة عند الله عز وجل.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله أنه لا بأس أن تأتي لرجل صالح تعرفه وتعرف صلاحه فتسأله أن يدعو الله لك، وهذا حق إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ ذلك ديدنًا له كلما رأى رجلًا صالحًا قال: ادع الله لي، فإن هذا ليس من عادة السلف رضي الله عنهم، وفيه اتكال على دعاء الغير، ومن المعلوم أن الإنسان إذا دعا ربه بنفسه كان خيرًا له لأنه يفعل عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل فإن الدعاء من العبادة كما قال الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآية، والإنسان إذا دعا ربه بنفسه فإنه ينال أجر العبادة ثم يعتمد على الله عز وجل في حصول المنفعة ودفع المضرة، بخلاف ما إذا طلب من غيره أن يدعو الله له فإنه يعتمد على ذلك الغير وربما يكون تعلقه بهذا الغير أكثر من تعلقه

<<  <  ج: ص:  >  >>