للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك؛ أبرز قبره؛ غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا» . أخرجاه.

ــ

قوله: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ، الجملة هذه تعليل لقوله: «لعنة الله على اليهود والنصارى» ، كأن قائلا يقول: لماذا لعنهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان الجواب: أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؛ أي: أمكنة للسجود، سواء بنوا مساجد أم لا، يصلون ويعبدون الله تعالى فيها مع أنها مبنية على القبور.

قوله: «يحذر ما صنعوا» ، أي: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في سياق الموت تحذيرا لأمته مما صنع هؤلاء؛ لأنه علم أنه سيموت وأنه ربما يحصل هذا ولو في المستقبل البعيد.

قوله: «ولولا ذلك أبرز قبره» ، أبرز؛ أي: أخرج من بيته؛ لأن البروز معناه الظهور، أي لولا التحذير وخوف أن يتخذ قبره مسجدا؛ لأخرج ودفن في البقيع مثلا، لكنه في بيته أصون له، وأبعد عن اتخاذه مسجدا؛ فلهذا لم يبرز قبره، وهذا أحد الأسباب التي أوجبت أن لا يبرز مكان قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومن أسباب ذلك: «إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض» (١) ، ولا مانع أن يكون للحكم الواحد سببان فأكثر، كما أن السبب الواحد قد يترتب عليه حكمان أو أكثر؛ كغروب الشمس يترتب عليه جواز إفطار الصائم.


(١) مسند الإمام أحمد (١/٧) ، والترمذي: كتاب الجنائز /باب حدثنا أبو كريب، ٣/٣٩٤ـ وضعفه ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>