قوله:«غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا» ، خشي فيها روايتان: خشي وخشي.
فعلى رواية خشي يكون الذي وقعت منهم الخشية الصحابة رضي الله عنهم، وعلى رواية خشي يكون الذي وقعت منه الخشية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والحقيقة أن الأمر كله حاصل؛ فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بأنه ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض، ولعن اليهود والنصارى؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد خوفا من اتخاذ قبره مسجدا، والصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على أن يدفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته بعد تشاورهم؛ لأنهم خشوا ذلك.
ويجوز أن يكون بعضهم أشار بأن يدفن في بيته، وليس في ذهنه إلا هذه الخشية، وبعضهم أشار أن يدفن في بيته وعنده علم بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض» ، وخوفا من اتخاذه مسجدا.
في هذا الحديث والحديث السابق: التحذير من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، وهم أفضل الصالحين؛ لأن مرتبة النبيين هي المرتبة الأولي من المراتب الأربع التي قال الله تعالى عنها:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩] .
اعتراض وجوابه:
إذا قال قائل: نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ