للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: ٤٤] .

ــ

ولا شفيع أي: شافع يتوسط لهم، وهذا محل الشاهد.

ففي هذه الآية نفي الشفاعة من دون الله، أي من دون إذنه، ومفهومها: أنها ثابتة بإذنه، وهذا هو المقصود؛ الشفاعة من دونه مستحيلة، وبإذنه جائزة وممكنة.

أما عند الملوك؛ فجائزة بإذنهم وبغير إذنهم، فيمكن لمن كان قريبا من السلطان أن يشفع بدون أن يستأذن.

ويفيد قوله: من دونه أن لهم بإذنه وليا وشفيعا؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: ٥٥] .

الآية الثانية قوله تعالى: {لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ} ، مبتدأ وخبر، وقدم الخبر للحصر، والمعنى: لله وحده الشفاعة كلها، لا يوجد شيء منها خارج عن إذن الله وإرادته؛ فأفادت الآية في قوله: " جميعا " أن هناك أنواعا للشفاعة.

وقد قسم أهل العلم رحمهم الله الشفاعة إلى قسمين رئيسيين، هما:

القسم الأول: الشفاعة الخاصة بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهي أنواع:

النوع الأول: الشفاعة العظمى، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله؛ «فإن الناس يلحقهم يوم القيامة في ذلك الموقف العظيم من الغم والكرب ما لا يطيقونه، فيقول بعضهم لبعض: اطلبوا من يشفع لنا عند الله، فيذهبون إلى آدم أبي البشر، فيذكرون من أوصافه التي ميزه الله بها: أن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيقولون: اشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيعتذر لأنه عصى الله بأكله من الشجرة،» ومعلوم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>