للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافع إذا كان عنده شيء يخدش كرامته عند المشفوع إليه؛ فإنه لا يشفع لخجله من ذلك، مع أن آدم عليه السلام قد تاب الله عليه واجتباه وهداه، قال الله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢١-١٢٢] ، لكن لقوة حيائه من الله اعتذر.

«ثم يذهبون إلى نوح، ويذكرون من أوصافه التي امتاز بها، بإنه أول رسول أرسله الله الأرض، فيعتذر بأنه سأل الله ما ليس له به علم حين قال: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود: ٤٥] .

ثم يذهبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع؛ فلا يعتذر بشيء، لكن يحيل إلى من هو أعلى مقاما، فيقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيحيلهم إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون أن يذكر عذرا يحول بينه وبين الشفاعة، فيأتون محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيشفع إلى الله ليريح أهل الموقف.»

الثاني: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها؛ لأنهم إذا عبروا الصراط ووصلوا إليها وجدوها مغلقة، فيطلبون من يشفع لهم فيشفع لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الله في فتح أبواب الجنة لأهلها، ويشير إلى قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧٣] ؛ فقال: وفتحت؛ فهناك شيء محذوف، أي: وحصل ما حصل من الشفاعة، وفتحت الأبواب، أما النار؛ فقال فيها {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>