للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٢٣) سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول غزوة بدر: "التقى إله وشيطان"، فقد قال بعض العلماء: إن هذه العبارة كفر صريح؛ لأن ظاهر العبارة إثبات الحركة لله -عز وجل- نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك؟]

فأجاب بقوله: لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي، وإن كان قائلها قد أراد التجوز، فإن التجوز إنما يسوغ إذا لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به. والمعنى الذي لا يليق هنا أن يجعل الشيطان قبيلا لله تعالى، وندا له، وقرنا يواجهه، كما يواجه المرء قرنه، وهذا حرام، ولا يجوز.

ولو أراد الناطق به تنقص الله تعالى وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرا، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول له: هذا التعبير حرام، ثم إن تعبيره به ظانا أنه جائز بالتأويل الذي قصده، فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك.

وأما قوله بعض العلماء الذي نقلت: "إن هذه العبارة كفر صريح" فليس بجيد على إطلاقه، وقد علمت التفصيل فيه.

وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله -عز وجل- فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وأن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله تعالى لنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجيء يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علوا يليق بجلاله، وأثبت نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين

<<  <  ج: ص:  >  >>