عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» .
ــ
وقوله:{فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} ؛ أي: كافيني، وهكذا يجب أن يعلن المؤمن اعتماده على ربه، ولا سيما في مثل هذا المقام الذي يتخلى الناس عنه؛ لأنه قال:{فَإِنْ تَوَلَّوْا} .
وهذه الكلمة - كلمة الحسب - تقال في الشدائد، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه حيث قيل لهم:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: ١٧٣] .
(تنبيه) :
في سياقنا للآية الثانية فوائد نسأل الله أن ينفع بها.
قوله:(لا تجعلوا) ، الجملة هنا نهي؛ فلا ناهية، والفعل مجزوم وعلامة جزمة حذف النون، والواو فاعل.
قوله:(بيوتكم) ، جمع بيت، وهو مقر الإنسان وسكنه، سواء كان من طين أو حجارة أو خيمة أو غير ذلك، وغالب ما يراد به الطين والحجارة.
قوله:(قبورا) ، مفعول ثان لتجعلوا، وهذه الجملة اختلف في معناها؛ فمنهم من قال: لا تجعلوها قبورا؛ أي: لا تدفنوا فيها، وهذا لا شك أنه ظاهر اللفظ، ولكن أورد على ذلك دفن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته.
وأجيب عنه بأن من خصائصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفن في بيته لسببين: