قوله:{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، الضمير يعود على الله - سبحانه.
و {رَبُّ الْعَرْشِ} ؛ أي: خالقه، وإضافة الربوبية إلى العرش - وإن كانت ربوبية الله - عامة تشريفا للعرش وتعظيما له.
ومناسبة التوكل لقوله:{رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ؛ لأن من كان فوق كل شيء ولا شيء فوقه؛ فإنه لا أحد يغلبه، فهو جدير بأن يتوكل عليه وحده.
وقوله:(العرش) فسره بعض الناس بالكرسي، ثم فسروا الكرسي بالعلم، وحينئذ لا يكون هناك كرسي ولا عرش، وهذا التفسير باطل، والصحيح أن العرش غير الكرسي، وأن الكرسي غير العلم، ولا يصح تفسيره بالعلم، بل الكرسي من مخلوقات الله العظيمة الذي وسع السماوات والأرض، والعرش أعظم وأعظم، ولهذا وصفه بأنه عظيم بقوله تعالى:{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة: ١٢٩] ، وبأنه مجيد بقوله:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}[البروج: ١٥] على قراءة كسر الدال، وبأنه كريم في قوله:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون: ١١٦] ؛ لأنه أعظم المخلوقات التي بلغنا علمها وأعلاها؛ لأن الله استوى عليه.
وفيه دليل على أن كلمة العظيم يوصف بها المخلوق؛ لأن العرض مخلوق، وكذلك الرحيم، والرءوف، والحكيم.
ولا يلزم من اتفاق الاسمين، فإذا كان الإنسان رءوفا؛ فلا يلزم أن يكون مثل الخالق، فلا تقل: إذا كان الإنسان سميعا بصيرا عليما لزم أن يكون مثل الخالق؛ لأن الله سميع بصير عليم، كما أن وجود الباري سبحانه لا يستلزم أن تكون ذاته كذوات الخلق؛ فإن أسماءه كذلك لا يستلزم أن تكون كأسماء الخلق، وهناك فرق عظيم بين هذا وهذا.