للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] .

قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} ، أي: أعرضوا مع هذا البيان الواضح بوصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذا التفات من الخطاب إلى الغيبة؛ لأن التولي مع هذا البيان مكروه، ولهذا لم يخاطبوا به؛ فلم يقل: فإن توليتم.

والبلاغيون يسمونه التفاتا، ولو قيل: إنه انتقال؛ لكان أحسن.

قوله: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} ، الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي: قل ذلك معتمدا على الله، متوكلا عليه، معتصما به: حسبي الله، وارتباط الجواب بالشرط واضح، أي: فإن أعرضوا؛ فلا يهمنك إعراضهم، بل قل بلسانك وقلبك: حسبي الله، و (حسبي) خبر مقدم، و (لفظ الجلالة) مبتدأ مؤخر، ويجور العكس بأن نجعل: (حسبي) مبتدأ و (لفظ الجلالة) خبر، لكن لما كانت حسب نكرة لا تتعرف بالإضافة؛ كان الأولى أن نجعلها هي الخبر.

قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، أي: لا معبود حق حقيق بالعبادة سوى الله - عز وجل.

قوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} ، عليه: جار ومجرور متعلق بتوكلت، وقدم للحصر.

والتوكل: هو الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به، وفعل الأسباب النافعة.

وقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} مع قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فيها جمع بين توحيدي الربوبية والعبودية، والله تعالى يجمع بين هذين الأمرين كثيرا، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] ، وقوله: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>