قوله:{فَإِنْ تَوَلَّوْا} ، أي: أعرضوا مع هذا البيان الواضح بوصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا التفات من الخطاب إلى الغيبة؛ لأن التولي مع هذا البيان مكروه، ولهذا لم يخاطبوا به؛ فلم يقل: فإن توليتم.
والبلاغيون يسمونه التفاتا، ولو قيل: إنه انتقال؛ لكان أحسن.
قوله:{فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} ، الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي: قل ذلك معتمدا على الله، متوكلا عليه، معتصما به: حسبي الله، وارتباط الجواب بالشرط واضح، أي: فإن أعرضوا؛ فلا يهمنك إعراضهم، بل قل بلسانك وقلبك: حسبي الله، و (حسبي) خبر مقدم، و (لفظ الجلالة) مبتدأ مؤخر، ويجور العكس بأن نجعل:(حسبي) مبتدأ و (لفظ الجلالة) خبر، لكن لما كانت حسب نكرة لا تتعرف بالإضافة؛ كان الأولى أن نجعلها هي الخبر.
قوله:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، أي: لا معبود حق حقيق بالعبادة سوى الله - عز وجل.
والتوكل: هو الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به، وفعل الأسباب النافعة.
وقوله:{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} مع قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فيها جمع بين توحيدي الربوبية والعبودية، والله تعالى يجمع بين هذين الأمرين كثيرا، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: ٥] ، وقوله:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}[هود: ١٢٣] .