للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦] .

ــ

الآية الرابعة قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} .

" كم " خبرية للتكثير، والمعنى: ما أكثر الملائكة الذين في السماء، ومع ذلك لا تغني شفاعتهم شيئا إلا بعد إذن الله ورضاه.

قوله: {إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ، فللشفاعة شرطان، هما:

١ - الإذن من الله؛ لقوله: {أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ} .

٢ - رضاه عن الشافع والمشفوع له؛ لقوله: " ويرضى "، وكما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨] ؛ فلا بد من إذنه تعالى ورضاه عن الشافع والمشفوع له؛ إلا في التخفيف عن أبي طالب، وقد سبق ذلك.

وهذه الآية في سياق بيان بطلان ألوهية اللات والعزى، قال تعالى بعد ذكر المعراج وما حصل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨] ؛ أي: العلامات الدالة عليه عز وجل؛ فكيف به سبحانه؟ فهو أكبر وأعظم.

ثم قال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ١٩-٢٠] ، وهذا استفهام للتحقير؛ فبعد أن ذكر الله هذه العظمة، قال أخبروني عن هذه اللات والعزى ما عظمتها؟ وهذه غاية في التحقير، ثم قال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>