للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه،»

ــ

فيستخدم الجن، لكن ليس على وجه محرم؛ فلا يسمى كاهنا؛ لأن الكاهن من يخبر عن المغيبات في المستقبل.

وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وهو نوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استنادا إلى فراسة؛ فإنه ليس من الكهانة في شيء؛ لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتمادا على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل، لكن يعلمه على سبيل الإجمال.

فمن يخبر عما وقع في الأرض ليس من الكهان، ولكن ينظر في حاله، فإذا كان غير موثوق في دينه؛ فإننا لا نصدقه؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] .

وإن كان موثوقا في دينه، ونعلم أنه لا يتوصل إلى ذلك بمحرم من شرك أو غيره؛ فإننا لا ندخله في الكهان الذين يحرم الرجوع إلى قولهم، ومن يخبر بأشياء وقعت في مكان ولم يطلع عليها أحد دون أن يكون موجودا فيه؛ فلا يسمى كاهنا؛ لأنه لم يخبر عن مغيب مستقبل يمكن أن يكون عنده جني يخبره، والجني قد يخدم بني آدم بغير المحرم؛ إما محبة لله -عز وجل-، أو لعلم يحصله منه، أو لغير ذلك من الأغراض المباحة.

والسحرة قد يكون لهم من الجن من يسترق لهم السمع.

ولا يصل هؤلاء المسترقون إلا إلى السماء الدنيا؛ لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: ٣٢] ؛ فلا يمكن نفوذه إلى ما فوقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>