للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:١٠٦] .

ــ

الآية الأولى قوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} .

ظاهر سياق الآية أن الخطاب للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسواء كان خاصا به أو عاما له ولغيره؛ فإن بعض العلماء قال: لا يصح أن يكون للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحيل أن يقع منه ذلك، والآية على تقدير قل، وهذا ضعيف جدا، وإخراج للآيات عن سياقها.

والصواب: أنه خاص بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحكم له ولغيره، وإما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ممكنا منه، قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:٦٥] ؛ فالخطاب له ولجميع الرسل، ولا يمكن أن يقع منه باعتبار حاله لا باعتبار كونه إنسانا وبشرا.

إذًا؛ فالحكمة من النهي أن يكون غيره متأسيا به، فإذا كان النهي موجها إلى من لا يمكن منه باعتبار حاله؛ فهو إلى من يمكن منه من باب أولى.

وقوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، الدعاء: طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضر، وهو نوعان كما قال أهل العلم:

الأول: دعاء عبادة وهو أن يكون قائما بأمر الله؛ لأن القائم بأمر الله - كالمصلي، والصائم، والمزكي - يريد بذلك الثواب والنجاة من العقاب، ففعله متضمن للدعاء بلسان الحال، وقد يصحب فعله هذا دعاء بلسان المقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>