للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضره.

فالأول لا يجوز صرفه لغير الله، والثاني فيه تفصيل سبق.

قوله: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، أي: سوى الله.

قوله: {مَا لَا يَنْفَعُكَ} ، أي: ما لا يجلب لك النفع لو عبدته.

{وَلَا يَضُرُّكَ} : قيل: لا يدفع عنك الضر، وقيل: لو تركت عبادته لا يضرك؛ لأنه لا يستطيع الانتقام، وهو الظاهر من اللفظ.

قوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} ؛ أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، وهذا القيد ليس شرطا بحيث يكون له مفهوم؛ فيكون لك أن تدعو من ينفعك ويضرك، بل هو لبيان الواقع؛ لأن المدعو من دون الله لا يحصل منه نفع ولا ضرر، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:٥، ٦] .

ومن القيد الذي ليس بشرط، بل هو لبيان الواقع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١] .

فإن قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} لبيان الواقع؛ إذ ليس هناك رب ثان لم يخلقنا والذين من قبلنا.

ومنه قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] ؛ فهذا بيان للواقع الأغلب.

ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] ؛ فهذا بيان للواقع؛ إذ دعاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيانا كله لما يحيينا.

وكل قيد يراد به بيان الواقع؛ فإنه كالتعليل للحكم؛ فمثلا قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>