ثانياً: حينما كان قائماً على شفير القبر فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما منكم من أحد إلا وقد كُتب مقعده من الجنة أو النار" فقالوا: يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل، قال:"اعملوا فكل ميسر لما خلق له".
وأما أن يتَّخذ هذا عادة، كلما دُفن ميت قام أحد الناس خطيباً يتكلم فهذا ليس من عادة السلف إطلاقاً، وليرجع إلى السنة في هذا الشيء، وأخشى أن يكون هذا من التنطع لأن المقام في الحقيقة مقام خشوع وسكون ليس المقام إثارة للعواطف. ومواضع الخطبة هي المنابر والمساجد كما كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل هذا، ولا يمكن أن نستدل بالأخص على الأعم، يعني لو قال قائل: سنجعل حديث حينما وقف على شفير القبر، وكذلك الحديث الا?خر حينما جلس، ينتظر أن يُلحد القبر وتحدَّث إليهم، لو قال قائل: نريد أن نجعله أصلاً في هذه المسألة قلنا: لا صحة لذلك لأنه لو كان أصلاً في هذه المسألة لاستعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته فلما تركه كان تركه هو السنة.
[سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: عن الوعظ عند دفن الميت على وجه الخطابة؟]
فأجاب فضيلته بقوله: الوعظ عند دفن الميت على وجه الخطابة، بأن يقوم الواعظ خطيباً في الناس لتذكير بحال الميت عند موته وبعد دفنه، لا أعلم له أصلاً، فلم يكن من هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقوم خطيباً في المقبرة عند دفن الميت يعظ الناس، لكنه أحياناً يذكِّر