للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* المثال الرابع: قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} والجواب أن لأهل السنة في تفسيرها قولين:

أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء، وهو الذي رجحه ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف: "وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} . علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سموات". ا. هـ.

وذكره البغوي في تفسيره: قول ابن عباس وأكثر مفسري السلف. وذلك تمسكا بظاهر لفظ استوى. وتفويضا لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله عز وجل.

القول الثاني: أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة، والبغوي في تفسير سورة فصلت.

قال ابن كثير: "أي قصد إلى السماء، والاستواء هاهنا ضمن معنى القصد والإقبال، لأنه عدي بإلى". وقال البغوي: "أي عمد إلى خلق السماء".

وهذا القول ليس صرفا للكلام عن ظاهره، وذلك لأن الفعل استوى اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء. فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به ألا ترى إلى قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} . حيث كان معناها يروى بها عباد الله لأن الفعل يشرب اقترن بالباء فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام.

* المثالان الخامس، والسادس: قوله تعالى في سورة الحديد: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} . وقوله في سورة المجادلة: {وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} .

<<  <  ج: ص:  >  >>