للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسرها بهذا التفسير؛ لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ورحمة الله أعظم من رحمة المخلوق لا تدانيها رحمة المخلوق ولا تماثلها؛ فقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال: «إن لله مائة رحمة وضع منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلق منذ خلقوا إلى يوم القيامة، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» .

فمن يحصي هذه الرحمة التي في الخلائق منذ خلقوا إلى يوم القيامة كمية؟ ومن يستطيع أن يقدرها كيفية؟ لا أحد يستطيع إلا الله - عز وجل - الذي خلقها؟

فهذه رحمة واحدة، فإذا كان يوم القيامة رحم الخلق بتسع وتسعين رحمة بالإضافة إلى الرحمة الأولى، وهل هذه الرحمة تدانيها رحمة المخلوق؟

الجواب: أبدا، لا تدانيها، والقدر المشترك بين رحمة الخالق ورحمة المخلوق أنها صفة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، ورحمة الخالق غير مخلوقة؛ لأنها من صفاته، ورحمة المخلوق مخلوقة؛ لأنها من صفاته؛ فصفات الخالق لا يمكن أن تنفصل عنه إلى مخلوق؛ لأننا لو قلنا بذلك لقلنا بحلول صفات الخالق بالمخلوق، وهذا أمر لا يمكن؛ لأن صفات الخالق يتصف بها وحده، وصفات المخلوق يتصف بها وحده، لكن صفات الخالق لها آثار تظهر في المخلوق، وهذه الآثار هي الرحمة التي نتراحم بها.

وقوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ؛ أي: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غير المؤمنين ليس رءوفا ولا رحيما، بل هو شديد عليهم كما وصفه الله هو وأصحابه بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>