للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت ذلك فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف وهذا جائز في الدنيا والآخرة، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك وتقول له: ادع الله لي، كما كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يسألونه ذلك في حياته، وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف الصالح على من قصد دعاء الله عند قبره فكيف بدعائه نفسه؟

ــ

الأول: أن هذه استغاثة بمخلوق فيما يقدر عليه وهذا لا ينكر لقوله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} .

الجواب الثاني: أن الناس لم يستغيثوا بهؤلاء الأنبياء الكرام ليزيلوا عنهم الشدة، ولكنهم يستشفعون بهم عند الله عز وجل ليزيل هذه الشدة، وهناك فرق بين من يستغيث بالمخلوق ليكشف عنه الضرر والسوء، ومن يستشفع بالمخلوق إلى الله ليزيل الله عنه ذلك.

قوله: " إذا ثبت ذلك فاستغاثتهم بالأنبياء " إلخ هذا هو الجواب الثاني وهو أن استغاثتهم بالأنبياء من باب طلب دعائهم إلى الله عز وجل أن يريح الخلق من هذا الموقف العظيم، وليس دعاء لهم، بل طلب دعائهم لربهم عز وجل، وهذا أمر جائز كما أن الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليهم وسلم أن يدعو الله لهم، ففي الصحيحين من حديث أنس - رضي الله عنه - «أن رجلًا دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب. فقال: " يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا" ولم يقل: فأغثنا يا»

<<  <  ج: ص:  >  >>