للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هداية الدلالة والإرشاد، ولهذا أتت مطلقة لبيان أن الذي بيده هو هداية الدلالة فقط، لا أن يجعله متهديا، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] ، فلم يخصص سبحانه فلانا وفلانا ليبين أن المراد: أنك تهدي هداية دلالة، فأنت تفتح الطريق أمام الناس فقط وتبين لهم وترشدهم، وأما إدخال الناس في الهداية؛ فهذا أمر ليس إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما هو مما تفرد الله به سبحانه؛ فنحن علينا أن نبين وندعو، وأما هداية التوفيق "أي الإنسان يهتدي"؛ فهذا إلى الله -سبحانه وتعالى- وهذا هو الجمع بين الآيتين.

وقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ظاهره أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب أبا طالب؛ فكيف يؤول ذلك؟

والجواب: إما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير: من أحببت هدايته لا من أحببته هو.

أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه، ولو كان كافرا.

أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.

والأول أقرب؛ أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره.

ويجوز أن يحبه محبة قرابة، لا ينافي هذا المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان وإن كنت أبغضه شخصيا لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>