ربطها بمستوى الأسعار؛ إذ إن هذه الوحدة لا يعلم مقدارها إلا بالرجوع إلى السلع، وقت السداد.
ولأن البلاد الإسلامية تعرضت لموجات من الغلاء خلال فترات متعددة من التاريخ، كما في عهد الرسول ﷺ، وفي عهد عمر بن الخطاب ﵁، وفي عهد عمر بن عبد العزيز، وفي القرن الخامس الهجري، وفي القرن الثامن، والتاسع، وكان الغلاء في بعض هذه العصور شديداً جدا، ومعلوم أنه يقابله نقص في قيمة العملة، ولم يقل أحد من العلماء بربط الديون والقروض، والمهور، ونحوها بمستوى الأسعار.
ولأنه لا يمكن قياس الأوراق النقدية على الفلوس، لأنها لم تصل إلى ما وصلت إليه الأوراق النقدية في هذه العصور، لا من حيث انفرادها بالنقدية، ولا من حيث قبولها، ولا من حيث عمومها في جميع دول العالم، فهي لا تساويها فضلاً عن أن تتفوق عليها، ولهذا لا يصلح قياس الأعلى على الأدنى، فلا يجعل الأدنى أصلاً، والأعلى فرعاً.
وما نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية من قوله برد القيمة إنما هو في حالة تحريم السلطان للتعامل بالفلوس، والدراهم المكسرة.
وأن ما نسب لأبي يوسف من قوله برد قيمة الفلوس حال غلائها، أو رخصها، لا يصلح قياس الأوراق النقدية عليه حال هبوط قيمتها مقابل السلع والمنافع، لأن قوله بنقصها مقابل النقود الذهبية والفضية، ولأن الفلوس فكة لها، ولأن قوله معلل ببطلان الثمنية في الفلوس، وهذا غير موجود في الأوراق النقدية؛ إذ إن ثمنيتها باقية مع نقص قيمتها الشرائية، ولأن قوله لا علاقة له بفكرة ربط الديون بقائمة الأسعار.