للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

مناقشة الأدلة

[المطلب الأول: مناقشة أدلة القائلين بالربط بالذهب أو بمستوى الأسعار]

أولاً: صحيح أن الله أمر بالقسط في جميع المعاملات، وليس في الكيل والوزن فقط. ولكن الاستدلال بالآيات الكريمات على جواز ربط القروض، والديون بمستوى الأسعار، لا يصح، لأنه تحميل لمعنى الآيات ما لا تحتمله. جاء في تفسير ابن كثير: يأمرهم بإيفاء المكيال والميزان، وينهاهم عن التطفيف فيهما، فقال: ﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ﴾ أي إذا دفعتم للناس فكملوا الكيل لهم ولا تبخسوا الكيل فتعطوه ناقصاً وتأخذوه إذا كان لكم تاماً وافيا. والقسطاس هو الميزان، وقيل هو القبان. وقال مجاهد: القسطاس العدل (١).

ومن جهة ثانية ليس هذا عدلاً، وإن أفادت الآيات الكريمات بعمومها طلب العدل في كل شيء، وإن اعتقد دعاة الربط أنه عدل، لأنها مقيدة بالأحاديث المانعة من الزيادة، منها حديث نهيه عن بيع الصاع بالصاعين، ومنها تقييده صرف ما في الذمة بسعر يوم السداد، وقد بيناها، وغيرها، ووجهه دلالتها.

ومن جهة ثالثة فإن ربط القروض، والديون بمستوى الأسعار ليس عدلاً، لأنه يؤدي إلى أن يأخذ المقرض، أو الدائن أكثر، أو أقل مما أعطى، وهذا هو ربا الفضل، وهو مخالف للعدل أيضاً لأنه ينطبق في اتجاه واحد، حينما يكون هناك ارتفاع في الأسعار، وهو الغالب، وليس العكس، وما من أحد يميل إلى قبول مبلغ أقل من المبلغ الذي قام بإقراضه، أو باع به.


(١) تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٤٥. وانظر: الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ١٣٥، الوصايا العشر كما جاءت في سورة الأنعام، بحث للأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الصالح، مجلة البحوث الإسلامية، عدد ٤٤، ص ٣٣٠ و ٣٣١.

<<  <   >  >>