للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو صح الاستدلال بهذه الآيات لكان الاستدلال بها على رفض هذا المبدأ أولى، لأن العدل في اتباع شرع الله، ومنه الوفاء بمقدار الدين أو القرض عدداً، أو وزناً، أو كيلاً، دون زيادة أو نقصان.

ثانياً: قولهم إن ربط القروض والديون بمستوى الأسعار يؤدي إلى وفاء الدين، أو القرض، بقيمته الحقيقية، فهو يؤدي إلى التماثل المطلوب في الحديث الشريف - «مثلاً بمثل» - غير صحيح شرعاً، وتطبيقاً، ولا ينطبق على القواعد الشرعية بحال من الأحوال، لأن القروض يجب في الشريعة أن تقضى بأمثالها، وهذا لا يختلف فيه أحد، حتى القائلين بربط القروض بالأسعار، لأن المثلية في الشرع تتحقق بالكيل أو الوزن، أو العدد (١)، ولا تتحقق بالقيمة كما يظنها دعاة الربط.

أ-لحديث رسول الله الذي رواه أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة أن رسول الله استعمل رجلاً (٢) على خيبر، فجاءه بتمر جنيب (٣)، فقال رسول الله : «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله : «لَا تَفْعَل، بِعِ الجَمْعَ (٤) بالدَّراهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنيبًا» (٥). متفق عليه. وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث: «أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا» (٦). وفي رواية لمسلم: «هذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ، ثُمَّ بيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هذا» (٧).


(١) انظر: مصطلح المثل في المبحث الأول.
(٢) استعمل رجلاً: جعله عاملاً. أي والياً. وهو: سواد بن غزية البلوي الأنصاري. توضيح الأحكام من بلوغ المرام ٤/ ٢٢، للشيخ عبد الله البسام، تبيين الحقائق ٤/ ٨٦ الاستذكار ١٩/ ١٤٢.
(٣) الجنيب: بفتح الجيم وكسر النون ثم ياء ساكنة، وآخره باء. نوع من التمر جيد. قال الخطابي هو أجود تمورهم.
(٤) الجمع: هو التمر المختلط من أنواع متفرقة، ليس مرغوباً فيه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٢٩٦، الفائق ١/ ٢٣٤، توضيح الأحكام، شرع الزركشي على مختصر الخرقي ٣/ ٤٢٤.
(٥) صحيح البخاري بشرحه ٤/ ٣٩٩، صحيح مسلم بشرحه ٤/ ١٠٥.
(٦) صحيح مسلم بشرحه ٤/ ١٠٦.
(٧) المصدر السابق.

<<  <   >  >>